المغص عند الرضع هو واحد من أكثر المشاكل شيوعًا التي يواجهها الآباء في الشهور الأولى من حياة أطفالهم. يتميز المغص بنوبات متكررة من البكاء الكثير وغير المبرر يعني بدون وجود سبب واضح، مما يسبب القلق والإرهاق للآباء، خاصة إذا لم تكن هناك استجابة واضحة للعلاجات التقليدية.
أولًا: ما هو المغص عند الرضع؟
المغص يُعرف بأنه حالة تتمثل في نوبات من البكاء المفرط الذي يبدو بدون سبب واضح عند طفل رضيع يتمتع بصحة جيدة. عادة ما يبدأ المغص في عمر أسبوعين ويصل إلى ذروته في عمر 6-8 أسابيع، ثم يبدأ في التلاشي تدريجيًا بحلول عمر 3-4 أشهر. ورغم كونه حالة غير خطيرة طبيًا، إلا أنه يؤثر بشكل كبير على جودة حياة الأسرة.
معايير التشخيص (قاعدة الثلاثة 3×3):
تم استخدام “قاعدة الثلاثة” لتحديد المغص عند الرضع:
- البكاء لمدة أكثر من 3 ساعات يوميًا.
- حدوث البكاء 3 أيام على الأقل في الأسبوع.
- استمرار الحالة لمدة 3 أسابيع أو أكثر.
طريقة أخرى للتشخيص (وفقا لمعايير روما الرابعة) لتشخيص مغص الرضع على النحو التالي:
- عمر الطفل أقل من 5 أشهر عند بداية الأعراض وتوقفها.
- نوبات متكررة ومطولة من البكاء أو الانزعاج أو التهيج التي تبدأ وتتوقف دون سبب واضح، ولا يمكن تهدئتها.
- عدم وجود علامات على ضعف في زيادة الوزن أو حمى أو أي مرض آخر.
- إفادة الأم بأن الطفل يبكي أو يشعر بالانزعاج لمدة 3 ساعات أو أكثر يوميًا، على 3 أيام أو أكثر في الأسبوع، وذلك من خلال مقابلة مباشرة أو عبر الهاتف.
- تأكيد أن إجمالي مدة البكاء اليومية تبلغ 3 ساعات أو أكثر عند تسجيلها يوميا لمدة 24 ساعة على الأقل. (يعني مش لازم تكون الفترة مستمرة ٣ساعات ليلا ممكن تكون اقل ليلا ويوجد أوقات اخرى في النهار، كلها بإجمالي ٣ساعات في ٢٤س).
ثانيًا: الأسباب المحتملة للمغص عند الرضع
الأبحاث العلمية لم تتوصل بعد إلى سبب وحيد مباشر للمغص، ولكنه يعتبر ناتجًا عن تفاعل معقد بين العوامل الفسيولوجية والنفسية. وتشمل الأسباب المحتملة ما يلي:
1. العوامل الهضمية:
- عدم نضج الجهاز الهضمي: قد يكون المغص نتيجة لعدم اكتمال تطور الأمعاء لدى الرضيع، مما يؤدي إلى بطء في حركة الأمعاء أو تشنجات معوية.
- تراكم الغازات: الأطفال الرضع يميلون إلى بلع الهواء أثناء الرضاعة، مما يؤدي إلى انتفاخ الأمعاء.
- حساسية بروتين الحليب أو عدم تحمل اللاكتوز: الحساسية تجاه بروتين حليب البقر أو عدم تحمل اللاكتوز يمكن أن تكون عاملًا رئيسيًا في بعض الحالات.
2. العوامل البيئية والنفسية:
- الضغوط البيئية: التوتر داخل الأسرة أو البيئة المحيطة قد يؤدي إلى زيادة نوبات البكاء.
- فرط التحفيز: تعرض الطفل لمؤثرات كثيرة مثل الإضاءة القوية أو الأصوات المرتفعة يمكن أن يسبب شعورًا بالضيق.
3. اختلال في توازن الميكروبيوم المعوي:
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأطفال الذين يعانون من المغص لديهم تركيبة غير متوازنة من البكتيريا النافعة في أمعائهم، مما يسبب الالتهابات المعوية وتفاقم الأعراض.
4. العوامل التطورية:
- بعض العلماء يعتقدون أن المغص هو جزء طبيعي من تطور الجهاز العصبي المركزي للطفل، حيث يكون الرضيع أكثر حساسية للمثيرات الحسية.
ثالثًا: الأعراض والعلامات المميزة للمغص
- البكاء المفاجئ والمفرط: يكون الطفل عصبيًا ويبدأ بالبكاء فجأة دون سبب واضح.
- البكاء المسائي: غالبًا ما تحدث نوبات البكاء في ساعات المساء.
- وضعية الجسم المميزة: يضم الطفل قدميه باتجاه بطنه، مع تقوّس ظهره وظهور علامات الألم.
- التهيج العام: يعاني الطفل من صعوبة في التهدئة بالرغم من المحاولات المختلفة لتهدئته.
رابعًا: طرق التشخيص
تشخيص المغص يعتمد بشكل أساسي على استبعاد الحالات المرضية الأخرى التي قد تسبب البكاء، مثل:
- ارتجاع المريئ.
- الحساسية الغذائية.
- العدوى (مثل التهاب الأذن الوسطى أو التهاب الجهاز البولي).
- انسداد الأمعاء.
التاريخ المرضي الكامل والفحص الطبي الدقيق هما المفتاح لتشخيص المغص، وغالبًا ما يكون تحليل الأعراض كافيًا دون الحاجة إلى فحوصات طبية إضافية.
خامسًا: الخيارات العلاجية للمغص عند الرضع
رغم أن المغص ليس خطيرًا، إلا أن الهدف الأساسي من العلاج هو تحسين راحة الطفل وتقليل القلق لدى الوالدين. تتنوع الخيارات العلاجية بين الإجراءات غير الدوائية، والتدخلات الغذائية، واستخدام بعض الأدوية.
1. التعديلات الغذائية:
- للأم المرضعة: يُنصح بتقليل تناول الكافيين، والأطعمة الحارة، والبقوليات التي قد تسبب الغازات. وقف تناول معظم مسببات حساسية الطعام مثل اللبن، البيض، السمك، الفول والمكسرات، فول الصويا والقمح.
- للرضع الذين يعتمدون على الحليب الصناعي: يمكن تجربة تركيبات الحليب المضادة للحساسية أو الخالية من اللاكتوز تحت إشراف الطبيب.
2. التقنيات غير الدوائية:
- الحركات المهدئة: مثل الهزّ الخفيف، أو استخدام الكرسي الهزاز.
- الوضعيات المريحة: وضع الطفل على بطنه أثناء اليقظة يساعد في تخفيف الغازات.
- الضوضاء البيضاء: استخدام الأجهزة التي تصدر أصواتًا مشابهة لصوت تدفق الدم في الرحم أثناء الفترة الجنينية.
- حمام دافئ: يساهم في استرخاء عضلات الطفل.
3. الأدوية والمكملات الغذائية:
- قطرات السيميثيكون: تستخدم لتقليل الغازات، لكنها قد لا تكون فعالة في جميع الحالات.
- البروبيوتيك: أثبتت الأبحاث أن مكملات Lactobacillus reuteri تساعد في تحسين أعراض المغص وتقليل مدة البكاء.
- الأدوية المضادة للتقلصات (مثل ديسيكلومين): تُستخدم بحذر شديد بسبب مخاطرها الجانبية.
4. الدعم النفسي والتثقيف الأسري:
- توعية الآباء بأن المغص حالة مؤقتة ولا تعني مرضًا خطيرًا.
- توفير استراتيجيات لتحمل الضغط النفسي وتقليل التوتر داخل المنزل.
- الاستعانة بباقي أفراد العائلة والاصدقاء للمساعدة لتجنب الارهاق النفسي والعصبي.
سادسًا: متى يجب استشارة الطبيب؟
- إذا كان البكاء مصحوبًا بعلامات مقلقة مثل الحمى، القيء، الإسهال، أو ضعف النمو.
- إذا لم يتحسن الطفل بالرغم من اتباع التدخلات المنزلية.
سابعًا: المستقبل والتوقعات
المغص عادة ما يختفي تلقائيًا مع نمو الطفل، وغالبًا ما تكون الأعراض خفيفة بحلول عمر 4-6 أشهر. ومع ذلك، فإن توجيه الوالدين للتعامل مع الحالة بشكل صحيح يمكن أن يقلل من تأثيرها النفسي والاجتماعي.
ثامنًا: الكلمات البحثية
- علاج مغص الأطفال حديثي الولادة.
- كيفية التخلص من المغص عند الرضع.
- أسباب المغص المتكرر عند الأطفال.
- أفضل دواء مغص للرضع.
المصادر
- NICE Guidelines on Infantile Colic.
- “Colic in Infants: Clinical Evidence and Management Strategies” – Journal of Pediatrics (2023).
- American Academy of Pediatrics (AAP) Guidelines on Colic.
- “Role of Probiotics in Infantile Colic Management” – Frontiers in Microbiology (2022).
- World Health Organization (WHO) Recommendations on Infant Care.